سعادة اطفالك هي سعادتك

هناك اتجاه مزعج لاحظته في السنوات الأخيرة؛ حيث يقدم الآباء سعادتهم على سعادة أبنائهم. إنني أتحدث هنا عن الأطفال تحت سن الثامنة عشرة والذين لا يزالون يعيشون في منزل والديهم. ويجيء هذا الاتجاه مقترنا بتعبير بفيض: “هذا هو وقتى الخاص”. لا تدعني أبدأ أضبطك تستخدم هذه العبارة. والحقيقة هو أنك عندما تقرر إنجاب أطفال (سواء أكان اختبارا مقصودا أم بالمصادفة)، فإنك تلزم نفسك بتقديم سعادتهم على سعادتك. وأنت حل من هذا الالتزام حينما يبلغ أصغر أطفالك الثامنة عشرة من عمره؛ ولكن حتى ذلك الحين ينبغي أن تضع هواياتك وعملك ووقت فراغك وما شابه في المرتبة الثانية. إليكم قضية خطيرة، وواحدة من أهم مصادر القلق لدى. يتطلع الأطفال إلى قضاء وقت مع آبائهم في العطلات؛ فمع مشاغل أيام الدراسة والعمل وما شابه، غالبا ما يكون هذا أفضل وقت للحصول على انتباه آبائهم كاملا. وما الذي يفعله بعض الآباء؟ إنهم يقيمون في فنادق تقدم الرعاية للأطفال

طوال الأسبوع بينما يفعلون هم ما يريدون. والآن لا باس بالاستمتاع بصباح يوم واحد، إذا كان الأطفال سعداء به، ولكن ليس جزءا كبيرا من العطلة كلها. أعرف أن الأبوة أو الأمومة مسألة مجهدة، ولكن هذه هي طبيعة المهمة؛ فهذا هو الثمن الذي ينبغي عليك دفعه عندما تصبح والدا. إنني لا أعني أنه لا يمكنك الخروج في المساء، فبالطبع يمكنك ذلك. كما

لا أعنى أن تكوني خادمة لأطفالك؛ فهذا لن يسعدهم كما لن يسعدك أنت أيضا. إنهم بحاجة إلى تعلم مراعاة مشاعر الآخرين. ولكنهم أيضا بحاجة إلى معرفة أنك تضعهم على رأس أولوياتك في الحياة. لذا عندما تريدان أو تحتاجان إلى أن تعملا، وهو أمر لا بأس به، فينبغي أن يختار أحدكما على الأقل عملا بنيح له أن يبقى بالقرب من أطفالكما، بدلا من أن تختارا عملا مرموقا يبعدكما عن أطفالكما لفترات طويلة من الزمن.

أما إن قدمت سعادتك على سعادة أطفالك، فلن تحجب عنهم الحب الذي يستحقونه وحسب، بل إنك ستكون كمن يقول لهم إن عناية المرء بنفسه أهم من أي شيء آخر. وصدقني، فإن هذه الفلسفة لن تجعلهم سعداء. أتعلم؟ إن الآباء الذين أعرفهم ويعصلون على هذا الحق لا يحبون حتى عبارة “هذا وقتى الخاص”؛ وذلك لأن أسعد أوقاتهم في تلك الأوقات التي يكونون فيها مع أطفالهم. أما تقدیم سعادتهم على سعادة أطفالهم واستقطاع وقت خاص بهم لكى “يجدوا أنفسهم”، فلن يجعلهم سعداء. ولو كان ذلك على حساب أطفالهم، فلن يجنوا إلا التعاسة. وهل تعرف أيضا؟ إن شغل أطفالهم لمعظم وقت فراغهم، وتقديم سعادتهم على سعادتهم هم أنفسهم، هو ما يجعلهم من بين أسعد الآباء الذين قابلتهم.