لماذا لا يوجد قواعد للحب

كان لدي صديق، يعد من أعز أصدقائي فعلا، ولكن كانت لديه خصلة لطالما غاظتني إلى حد كبير: إنه لا يعتمد عليه بالمرة؛ فحينما يكون هناك ميعاد بيني وبينه، فإما أن يأتي متأخرا أو لا يأتي بالمرة، ثم يظهر فجأة دون سابق إنذار. ويقول إنه قد جاء ليقضي معى ليلة فلا بمكث إلا ساعة، أو يقول إنه سيبقى معي لساعة فيقيم معي لأسبوع كامل، وهذا يتناسب مع أسلوب حياته تماما؛ فهو يعيش في مقطورة متحركة ويسافر على هواه، ولكنه لا يتناسب مع أسلوب حياتي دائما. ومنذ بضع سنوات فعل شيئا أو آخر، لا أتذكر ما هو بالضبط، ولكنه أصابني بضيق شديد؛ فلم أكن في ذلك اليوم في حالة مزاجية نسمح بأن يلفی میعاده في آخر لحظة، أو أيا كان.

وبدأت أفكر في أنه ربما قد حان الوقت لأن أخرجه من حياتي، ليس بشكل وقع ولكني توقفت عن بذل الجهد. لقد التمست له الكثير من الأعذار أمام زوجتى. وكان رد فعلها أن سالتى عما أحبه فيه؛ وسبب اتخاذي له صديقة مقربة تلك الفترة الطويلة، وأجبتها بأن السبب يكمن في حقيقة أنه إنسان جامح ومتحرر ويعيش الحياة لحظة بلحظة. لقد كان يمثل لي كل تلك الأشياء التي طالما حلمت بها، ولكنني لم أستطع لأنها لم تكن تتناسب مع حياة الأسرة والمسئولية. لقد كنت أتمنى الحياة التي أحياها الآن، ولكن ذلك لم يجعلني أكف عن الحلم بالحياة الأخرى. | وعندئذ سألتني زوجتي كيف أتوقع من شخص جامع ومنحرر ودائما ما يعيش الحياة لحظة بلحظة .. كيف أتوقع منه أن يحدد مواعيد زياراته مسبقا ويمكث للفترة التي تم تحديدها. وقد كنت أختلف معها أحيانا؛ لأن
ولا ينبغي أن يمثل أى من ذلك مشكلة؛ إلا أنه كذلك في الواقع؛ فمن المحبط أن تعاملك أسرتك كما كانوا يعاملونك دائما، كما لو أنك لم تكبر بعد، وفي بعض الأحيان يتعدى الأمر حكاية الإحباط هذه، إلى الحد الذي يمكن أن تؤدي فيه إلى التسبب في إحداث متاعب حقيقية؛ حيث تفشل أسرتك في إدراك أنك لم تعد ذلك الطفل الفر أو الخجول أو المتهور، ولكن ذلك يرجع جزئيا إلى أنك لا تزال تتصرف بنفش تلك الطريقة كلما كنت معهم. اسمع، إن الطريقة الوحيدة التي تدفع بها عائلتك إلى الكف عن معاملتك بهذا الشكل هي أن تكف أنت عن التصرف بهذا الشكل، وبينما تحاول ذلك، عليك أن تكف عن التعامل معهم كما لو أنهم لم يتغيروا بعد مرور 10 أو ۲۰ أو ۳۰ عاما. إنها مسألة ذات وجهين، وبصفة عامة – كما هو الحال بيني وبين أخي – فإن الذنب يطولنا نحن كما يطولهم هم لذا إذا أردتهم أن يكفوا عن لعب دور المتأمر، فعليك أن تكف عن لعب دور المنفل؛ وإذا أردت أن يعاملوك على نحو جاد، فعليك أن تكف عن لعب دور المهرج؛ وإذا كنت قد مللت فرض الحماية عليك، فعليك أن تكف عن التصرف كما لو كنت طفلا صغيرة. قد يتطلب منهم الأمر شهورا أو سنوات حتى يلاحظوا ذلك التغيير ويتجاوبوا معه؛ فهو أمر لن يحدث بين عشية وضحاها، ولكنهم في النهاية سيتعلمون الحكم عليك من منطلق سلوكياتك الحالية، وليس بالطريقة التي اعتادوا معاملتك بها منذ سنوات.